رائحة البلاد
11/15/2024
للتو تنبهت الى وجود كوب من الزعتر البري كنت قد أعددته قبل أكثر من ساعتين بنية احتسائه ساخنا أو دافئا بأقل تقدير, لكن ديار أدرك وجوده واهتمامي به فأخذ على عاتقه ان يسكبه على الارض , وضعته على رف المكتبة عاليا في غرفة المعيشة على نحو لا تطاله يداه , وكعادة الانسان حاولت أن أمنح ذلك في نفسي معنى وقيمة مضافة على نحو قسري , قلت سيصير الطعم اعمق واكثر تركيزا عندما تنتقع أوراق الزعتر لفترة أطول , كان ذاك الكوب الذي تحضر لأجل ان يسترخي جسدي وتهدأ أعصابي , ثم هذا ما يحدث في ظل وجود الأطفال .
كنا في زيارة لبيت والداي في تجمع عائلي ,وأول ما وطأت قدمي المنزل اقتادتني رائحة أعرفها جيدا نحو المطبخ ,انها رائحة فلسطين وأهل فلسطين , انها رائحة ذاك النوع الفاخر من الزعتر البري ذو الطعم والرائحة النفاذة الذي نحصل عليه عندما يزورنا الأقارب القادمين من هناك, "دقة بلاط" هكذا نسميه وله أسماء عديدة -بالفعل- كانت أوراقه مفروشة على طاولة المطبخ بمحاذاة النافذة الجنوبية مغمورة بأشعة شمس تشريت الثاني الدافئة
ففي اليوم الذي سبق البارحة كانت قريبة أمي في زيارة لها وقد أتت من فلسطين وأحضرت معها هدايا من بينها أوراق الزعتر هذه, لم تكن الكمية كبيرة لربما ليس الموسم تماما أو أسباب اخرى لذا؛ تراجعت عن طلب بعض منها, اكتفيت بشمها مرات عديدة حتى عشعشت الرائحة في ثنايا خلايا رأسي ,لكن قبل أن أخرج من المطبخ تفاجأت بأمي وقد لفت بقماش قطني بضعا منها اضافة الى اوراق الميرمية القادمة من البلاد أيضا وأعطتني اياها. يا لهذا
الكنز
قبل قليل اتصل بي عبيدة وكان في طريق عودته الى البيت , سألني ان كنت أرغب أن يحضر معه شيء , طلبت أن يحضر باقة من البقدونس , سألني هل أحضر كزبرة أيضأ؟ أجبته ان لدينا واحدة تكفي .. عاد ومعه ضمة كزبرة.. تسائلت في نفسي ألن ينتهي هذا اللبس يوما؟ الرائحة كفيلة أن تحسم الجدل بين النوعين ناهيك عن صفات شكلية أخرى, فكرت اني لو طلبت ياقة اضافية من الكزبرة لأحضر معه بقدونس حقيقي , من الواضح ان حالتي الذهنية في الوقت الحالي مرتبطة بالكثير من الروائح والاعشاب والورقيات
صور من وحي اسبوع مرن بلا خطط ..
