مطر ولكن

11/15/2023

السماء تهطل بغزارة لكن الجو لا يزال دافئاً حتى هذه الايام, يستيقظ ديار في الليل مرات عديدة كي يتناول حليبه وأحب ان افكر بانه يشتاق الى امه هذا الصغير, وانا أشتاق له أيضا وأشتاق لسراج في هذه الأيام اكثر من أي وقت امضى, ربما لأني كنت في السابق أوليه رعاية مباشرة أكبر من تلك التي اقدمها الان بعد ميلاد ديار, يعتني عبيدة بشؤون سراج ويهتم برعياته على نحو شبه كامل لأن كلا الوقت وطاقتي الجسدية في المرحلة الحالية لا يسعفاني كي أعود الى سابق عهدي بما يتعلق بتنظيم شؤون البيت ورعاية الأطفال. الشيء الوحيد الذي يشعرني بالقرب والوصال العميق مع سراج هو الوقت الذي اقضيه وإياه قبل نومه بالحديث عما جرى في يومه في المدرسة أو غيرها, عن ما يجول بخاطره وقلبه من فكرة أو شعور, نقرأ قصة أحياناً وأحيانا اخرى نكتفي بالتحديق في الظلام بينما ألاعب شعره حتى ينام .حبيبي سراج لا بأس ,أعلم ان هذه مرحلة ومرحلة جميلة أيضا لكنها لا تتيح لنا الإكتفاء من بعضنا بعضا وستمضي بحلوها وشوقها .

أفكر بالأمهات في غزة, أضع نفسي محل كل واحدة منهن كل واحدة سمعت بقصتها على حدى ولا أقوى على الخيال, يرتعد قلبي يرتعد جسدي .. أفكر بالنساء الحوامل وقد انتهت رحلتي مع ذلك قبل أسابيع قليلة لم يشفى بها جسدي حتى اللحظة, وأعلم كم تحتاج النساء من رعاية جسدية ونفسية في هذه المرحلة حتى في أحسن وأحلى الأوضاع والظروف وأكثرها محبة وسندا ورعاية, شاهدت مقطع فيديو لامرأة حامل بأسابيعها الاخيرة تعاني المرض والإرهاق ونقص العناصر الغذائية في جسدها ودمها, وجهها شاحب أصفر, بالنظر الى عينيها , بسماع تلك الارتعادات الصغيرة المتتالية في صوتها لن يختلف اثنين على حجم الألم والتعب والخوف الذي تعانيه هذه المرأة ومثلها الكثيرات وربما في حال اسوأ, تبكي وتطلب من الله أن تلد صغيرها في بيتها الذي تركته هربا من الموت, ترغب فقط أن تعود الى بيتها الى حياتها السابقة ولا شيء اخر. لماذا تصير الحقوق أمنيات؟ تقول انها جهزت من أجل صغيرها الملابس وكافة الاحتياجات لكنها لم تأخذها معها الى حيث تنزح بخيمتها, لم تكن تدرك أن الحرب ستطول. تأمل أن تنتهي الحرب قبل قدوم مخاضها, ظلت في بالي هذه المرأة وصرت أحسب الأيام من أجلها وأدعوا الله أن تنتهي هذه الحرب وأن تلد هذه المرأة في بيتها ويعود كل الى بيته أو ركام بيته, وكأن هذه المرأة هي غزة وقصة غزة وأبنائها أجمع كل باختلاف تفاصيل حكاياتهم وامنياتهم. أن تنتهي هذه الحرب فقط يا الله. أفكر بالاطفال ومن نجا منهم وكيف ترتجف أجسادهم الطرية الغضة المغلفة بالقصدير ..وكيف تمحى ذكريات الموت وبيوتهم المهدمة فوق رؤوسهم وأجسامهم بعد أن كانت منازلا آمنة تسكنهم ويسكنوها. من يعيد فكرة البيت وشعوره الى صدورهم؟ من يهدأ قلب طفل فقد امه واباه واخوته واصدقاءه ومدرسته ؟
من يهدأ قلب زوجة فقدت زوجها أو زوج فقد زوجته أو حبيبين فقد أحدهما الاخر؟ من يهدأ قلب الأم والأب والأخ الاخت والاصدقاء ؟
من يوقف الحرب عن غزة ويأخذ عمري كله, من ؟

Address

Irbid - Jordan

Join our collectors list