مذكرات تشرين

عن الغروب، والسكينة، وبدايات ممتدة تشبهنا

11/4/2025

في آخر يوم ةمن تشرين الأول، فتحت صفحة بيضاء لأكتب شيئًا لا أذكره الآن. مرّت أربعة أيام، وضاعت الفكرة كما تضيع الرياح الدافئة في أول المساء من هذا الشهر. لكن بقي الشعور، بقيت تلك الرغبة في الإمساك بلحظة بين الغروب والذاكرة.

هل بالامكان اختزال الاشياء بكلمة أو جملة؟ بعضها نعم. مثلا بالإمكان الإكتفاء بالقول "تشرين شهر الغروب الجميل".. كيف هذا؟
أراقب لوحة السماء هذا الفصل وفي هذا الشهر على وجه التحديد حتى أنسى ما أنا, ما اسمك؟ احتاج أن افكر قليلا قبل ان اجيب
من العنبر إلى الوردي، ومن الأرجواني إلى ظلّ رمادي خفيف تتلون السماء في درجات لا نهائية.. كيف يمر الوقت في تشرين؟ أمام النافذة. من غيوم القطن الى الفانيلا ايسكريم. وفي ومداها الذي تصافح به الارض ترتمي منسوجة كدانتيل فاخر يزيّن أطراف السماء. هذه السماء تحديدا تذكّرني بفرشاة كلود مونيه وتحيي في مخيلتي أعماله أجمع, بضرباته التي تمحو الحدود بين الضوء واللون كأن الضوء هو لون واللون ذاته من ضوء. أقف طويلًا أمام المشهد، أتابع الطيور وهي تشق السماء بخفة واتجاهٍ لا يخيب. صباحًا تمضي نحو الجنوب، وفي المساء تعود شمالًا، كأنها تحمل سرّ التوازن بين الرحيل والعودة. أين تذهب فعلًا؟ أهو بحثٌ عن دفءٍ مفقود في المدينة؟ أم أن رحلتها هي طريقتها في تذكّر الطريق كل يوم؟

\



هذا العام, كان تشرين الاول مميز حقا في وجداني يحمل معه ويُذكر بكل الأوجه الممكنة للحياة, سماء وغروب يشبه الحلم ويعيد القدرة على الخيال، طيور غير مهاجرة تذهب وتعود في كل يوم عائلة تكبر بالخير، وانقضاء حرب عود بعد خوف طويل.

ربما ما كنت أريد قوله حين فتحت الصفحة أول مرة هو هذا بالضبط، اتذكر شعوره الان بينما اقلب الصور التي التقطتها خلال هذا الشهر، أن تشرين يجعلنا نتأمل التفاصيل الصغيرة التي تمرّ عادة دون أن نكترث لها, بصمت غيمة خلابة، بانعكاس الشمس على جسد ما مخلفة لوحة من ظلال، رحلة طائر , الصعود المبكر للقمر الوردي الجميل في الأيام التي تسبق اكتماله, قبل غياب الشمس, في مشهد واحد في لحظة صدق مجتمعة يحدق بها القمر في عين الشمس تبدو كأنه يحكي قصة الحياة كلها.

أماعن نصيب الفرح الكبير هذا الشهر فكان بانتهاء الحرب على غزة.حتى الآن، أكاد لا أصدق.
أحيانًا أحلم أن الحرب ما زالت دائرة، أستيقظ , أتحسس الخبر في ذاكرتي، ثم أذكر نفسي: انتهت الحرب، انتهت فعلًا. أغفو من جديد كما لو أن قلبي يحتاج وقتًا ليتعلم معنى السلام من جديد, ولا بأس بشيء, أنا فقط أتمنى من كل قلبي ووجداني أن تكون هذه النهاية حقيقية، لا هدنة عابرة في رحلة طويل من الألم والعذاب . أن يكون تشرين هذا العام ختام حرب وبداية حياة.

Address

Irbid - Jordan

Join our collectors list