متع صغيرة
9/22/2024
للتو وضعت ديار في الفراش. فراشي , على أمل ان نحظى بقيلولة عميقة, نعم انا وهو نحتاج لقيلولته العميقة. ارغب وربما اتوق لان ارسم اليوم واحتاج لوقت جيد حتى انهي العمل الذي بدأته منذ قرابة أسبوع, يقال ان رائحة الامهات تساعد الأطفال على الاسترخاء والنوم العميق؛ لذا وضعته في سريري. انه الشعور بالامان أو رائحته حسبما أعتقد.
السماء ملبدة بالغيوم تتسلل عبر أطرافها وثغورها أشعة شمس مائلة ناعمة ورقيقة, تضيئ الأشياء بلطف دون أذى, تشعر عبرها بالحنين والذكرى ورقة الفؤاد وكل شيء كما الخريف تماماً!
أراقب الضوء القادم من النافذة بينما كنت اخيط أغطية لكراسي المرسم وأفكر بندرته على مر العام, انه أبيض معتدل ليس مائلا للزرقة ولا للصفرة كما في أيام الشتاء والصيف المتطرفة. أفكر على نحو تلقائي أن الوقت مناسب لالتقاط صور لأعمالي الفنية حيث أن العدسة ستختزلها بألوانها الأقرب للحقيقة, لكن في كل مرة يجيب صوت واقعي من رأسي دون ان يستدعيه أحد ويبدو لي انه من بقايا الصيف "لا وقت لذلك اليوم ", وتجيب ذاتي التواقة المهذبة"حسنا, لربما في يوم خريفي غائم لاحق" 💔
شاهدت منذ الصباح عددا من برامج الطهي حول العالم وهذا ما أفعله عادة مذ اتى صغيري ديار الى الحياة, في الوقت الذي يكون به مستيقظاً منشغلا في اموره, اللعب واستكشاف المنزل, أقرأ أو أشاهد التلفاز وأقول لنفسي "متعة وتعلم" وفي داخلي كل شيء يدرك ان لا رفاهية للاختيار وان هذه الأشياء تتم على نحو شبه قسري, وأن علي تلقيها وقبولها بابتسامة تشبه ابتسامة موظفي الاستقبال:)
تابعت العديد من الوصفات بين المطبخ الإيطالي والفرنسي والآسيوي, تلاقيت كثيراً مع الايطالي ولربما كلنا نفعل, هناك شعور بالقرب والالفة والبساطة الممتنعة الخفية في مائدة هذا الشعب, لربما شعوري بالألفة نابع من تقارب ملحوظ بين مكوناته ومكونات مائدتنا, لربما.. العديد والعديد من برامج الطبخ بينما ديار يطوف حولي بأواني المطبخ وعلب المؤؤونة وعدة الرسم, والقليل من الألعاب وقصص الأطفال القماشية. أما عن الأعمال المنزلية فانظف البيت ليلاً حتى احظى ببداية منعشة كل يوم, "اولف الحياة ليومي التالي بينما الحاضر انقضى" هذا ما أقوله لنفسي كي استجمع طاقتي المشتتة والمرهقة ساعة الليل فلا يغلبني التعب.
أشاهد في الوقت الحالي وصفة للطاهي "Gennaro Contaldo" والذي يحضر الطعام على نحو شعبي، دون تزويق وتكلف واحتراف تجاري وهمي احيانا, والذي نمارسه بلا ادراك بينما نعد هذه الوجبات القادمة من ثقافات أخرى فلا نعرف ما هو أصلي فيها وما هو متكلف ومختلق. اضحك وانا اتابع هذا الرجل طريقته في الكلام والتعبير تسليني وتبهجني. اشاهد ذات الوصفة بطرق مختلفة وبإعداد أشخاص مختلفين كي أدرك القسمات المميزة لها, ما هو أساسي وما هو ذوق شخصي, لا أعتمد نسخ احد تماماً بل اطبق الملامح المميزة لمزيج الوصفات التي شاهدتها، وأحيانا يقنعك أحدهم بحذافير ما يصنع فأجد الراحة في تطبيقها كما هي.
العديد من الوصفات التي امتلئت بها عيني منذ الصباح لكن لا طعام ايطالي ولا غيره اليوم, افكر بصنع حساء السبانخ مع الحمص والارز, الطعام الموسمي جيد وشهي في وقته وعلى العائلة ألا تعتد على الدلال, خصوصا ان سراج طلب مني ان اعد له السبانخ بكل اشكاله منذ رأيناه مكدس في الاسواق بأوراقه الخضراء الطازجة , ولا دلال بالنسبة لي أكثر من وجبة كهذه.











