مسرات صغيرة

4/22/2025

الحادية عشرة الا سبع دقائق صباحا, استلقي على الكنبة البيضاء في مرسمي في محاولة للاحتيال على النعاس بالكتابة , نام صغيري البارحة قبيل غروب الشمس وحتى صباح اليوم وليس أي صباح ,فقد أفاق مع طلعة خيوط الشمس الاولى بكامل نشاطه ويقظته, لكن ماذا عن ماما التي سهرت البارحة الى وقت متأخر نسبيا دون أن تحسب حسابا للصغير الذي سيفرض عليها ان تصحو معه قبل العصافير؟ الان وقد خرج الجميع الى مشاغلهم حاولت تجنب النظر الى السرير او حتى غرفة النوم حتى لا يهزمني النعاس, اقاوم ذلك ولا ارغب بالعودة للفراش رغم حاجتي له. فضلت الانتهاء من بعض الاعمال المنزلية التي علقت منذ البارحة وأنجزتها بالفعل, تنبهت الآن الى ان بذورالريحان والفلفل الاخضر والبقلة التي غرستها في باطن التربة قبل اسبوعين تبرعمت وقد أنتجت اولى وريقاتها. مسرات صغيرة وجميلة أحيا لأجلها وتحدثني كل مرة أن لا اكون على وعي فقط, بل حارسة لوعيي بأن تظل مباهجي في الحياة أصيلة وفطرية, ألا تحول الى شكل بهجة وهيئة فرح مرهون بالشروط والانماط والعقد. ثمة فرق خفي بين أن تنمو الأشياء وتكبر لانها تزدهر, وأن تنمو لأنها مدفوعة بتصورات مسبقة مشحونة بمشاعر وأشكال مشاعر منمطة عن الحياة وحقيقة الشعور ودوافعه. في الحالة الاولى تعيش جوهر الأشياء, أما في الثانية فتعيش منظرها وظاهرها ومشهدها فقط .ويا لأسى من يلتبس عليه الفرق بين المنظر والجوهر. هناك اقتباس لـ"أوشو" يذكرني بهذا, يقول به "الوجود كله في حالة استرخاء, الأشجار تزهر وتثمر, الطيور تحلق في أعالي السماء, الأنهار تنساب نحو مصبها, النجوم تسطع, كل شيء يبدو كأنه في قمة الأسترخاء, لا أحد مسرعا, لا أحد ملحا, لا أحد قلقا, الا الانسان, الأنسان ضحية عقله"! ,ادرك ان العقل ملجئ الانسان وملاذه لكنه بالفعل قد يصير نقمة اذا ما عرف الانسان كيف يستخدمه لا أن يخدمه.

البارحة أصيب ملاكي الصغير وهو يلعب بجرح على أنفه, جرح صغير وغير خطير لكنه مؤلم وقد أدركت ذاك الألم في عينيه وصوته وهو يبكي, انقبض صدري وبدأت أفقد تركيزي بالأشياء عندما رأيت قطرات من الدم تسيل من جلده, احتجت أن أتحدث بصوت عال لنفسي كي أهدأ كنت بحاجة الى حواس اخرى كي اتمكن من ادراك طبيعة الحال, أن لا خطر وأن هذه الامور تحدث وستحدث, بدأت أحمد الله على ذلك بلا وعي وتذكرت بذلك ما علمتنا اياه امي عندما كنا صغارا بأن نحمد الله لفظا اذا ما أصابنا أي مكروه أو أذى قبل أن ننطق بأي كلمة أخرى, وكيف كنا نشعر أن هذه الكلمة تخفف عنا الألم شيئا فشيئا كمن يستدعي رعاية الله ويحصل عليها ببرهة!

القهوة والكتابة لايقاظ احاديث الرأس وتفريغها أمران جيدان. لربما المشاركة أيضا. تبدأ بجعبة فارغة تملؤها لاحقا بما تريد .
الان وقد تبقى ثلاث ساعات على ميعاد عودة الأطفال من مشاغلهم أظن أن علي أن أهرع لوضع اللمسات الاخيرة والانتهاء من عمل زيتي كنت قد بدأته منذ فترة على مساحة واسعة من القماش وأظن ان وقته قد حان, علي أنتهي منه اليوم!.

Address

Irbid - Jordan

Join our collectors list