خلافات داخلية
5/27/2025
الآن في هذه اللحظة هناك صوتان في رأسي لا يكفان عن الحديث ومشادة بعضهما الآخر, الأول يتهمني بالكسل والاستسلام للراحة على حساب ما يجب وما تم التخطيط لفعله, والآخر يخبرني بصوت هادئ ومتفهم ان الحياة ليست في سباق وأن الأيام تأتي محملة بذاتها بتجاوز لدفاتر المهام والحسابات الزمنية على الورق وفي الرأس!
وبينما أرغب في اجتياز الأمر يخطر في بالي مرة أن ارضي الطرفين في حل وسط, ومرات أخرى في تجاوزهما قولا وفعلا كنوع من التأديب حتى يجدا في المرات القادمة صيغة جيدة للتفاهم دون ابتزاز أو مشادة أو إكراه عاطفي, ويبدو لي ان هذه هي طريقتي التي تشبهني في حل الامور من الداخل ومن الخارج:)
مثلا مثلا أن أترك كل ما هو متنازع عليه بفعل أمر جديد وخارج الحسبة كما الآن تماماً, كتابة ومشاركة مدونة أفرغ فيها حديث الرأس الثرثار هذا.. وليصمت كل شيء.
أفقت اليوم قبل الساعة السادسة صباحا بقليل, بالطبع لم تصحو مرام بمفردها بل أيقظها طفلها الصغير الذي نام قبل غروب شمس البارحة وحتى شروق شمس اليوم, ربت على وجهي بلطف وعندما فتحت عيوني ابتسم في وجهي ابتسامة مصطنعة برزت منها حبات اللؤلؤ الصغيرة الجميلة التي احب, تلك الابتسامة التي يسعى أن يهون بها أحد على الآخر أمر ما, وكان بذلك كمن يهون عليّ شوقي للراحة في الأيام الأخيرة هذه, أشار لي نحو غرفة الجلوس كالعادة حيث تبدأ فعالياته الصباحية بتناول وجبة الفطار ثم مشاهدة برنامجه الكرتوني المفضل "Guess how much I love you" ,اللعب بألعاب البناء المغناطيسية فأوعية المطبخ والمعكرونة ثم مسح الأرضية بجسده وملابسه وما الا ذلك من فعاليات لا تنتهي وكل ذلك كله قبل أن تصير الساعة تسعة, ويحين موعد الذهاب الى الحضانة.
لدي قائمة طويلة من المهام التي أرغب بانجازها, صحيح لا ينبغي الحديث عن الجديدة منها قبل ان أذكر اني انتزعت البارحة من لوحة المهام كل المذكرات القديمة بعد انجازها بالطبع:) واستبدلتها بقائمة جديدة للشهر التالي الذي بدأ بتوقيتي منذ اليوم -السابع والعشرين من مايو- وحتى آخر يوم في الشهر القادم -حزيران-, وهذا لا يعني بأي شكل أن لدي أربعة أيام إضافية مُرحلة من هذا الشهر لصالح الشهر التالي, فهذه الأيام ليست مجانية او غير محسوبة, هناك أربعة أيام إجازة للعيد الذي تبقى على قدومه أقل من اسبوعين ستحل مكانها .. اااه من الحسابات والزمن.
بتجاوز للخلافات الداخلية عبر رسائل الله التي يبعث بها لخلقه كل على حدى تنبهت قبل بضعة أيام الى وجود حمامتين تظلا جالستين على شباك المرسم, واحدة الى الشبك المعدني المحيط بالنافذة والاخرى ترقد في إحدى الاصص الزراعية القديمة حيث وقبل بضعة أشهر صنعت حمامة عشا لصغارها هناك وبعد أن غادروا المكان أبقيت العش على حاله, ظننت للوهلة الاولى أن الحمامتين تستجمان فقط حيث الظل والماء والطعام الذي عادة ما اتركه للطيورالمكون من وعاء القمح المبلل بالماء, ثم لاحظت ان الحمامتين بداتا بتناوب الجلوس في الحوض بحيث ترقد واحدة وتغيب الاخرى لساعات ثم تعود لتبادل الدور في الرقود وهكذا, الى ان أدركت وجود بيضة صغيرة وجميلة في العش .. هناك صغار قادمين وهناك أدواروطاقات مقدرة وجبارة تبذلها الكائنات بفطرتها لأجل صغارها, تذكرت جسدي المنهك الذي يحملني بعناء منذ أفقت هذا الصباح, جسدي الذي لا أقوى به على فعل شيء بعد أن تراكم هناك تعب الأيام الأخيرة التي تتمركز حول الاختبارات النهائية المدرسية لدى سراج -والمبشر في الأمر انها ستنتهي غدا-, أيضا جولات تسوق غضة ومبهجة لا تنتهي لكن احاول بها الانتهاء من التجهيز لمستلزمات قدوم ملاكي الجديد:) .. أنا أيضا يا حمامة أبذل جهودا علنية واخرى خفية غير مدركة ربما, اختارها كل مرة بملئ ارادتي كي أحتفي بأمومتي عبرذاك التعب والفرح المقدس , أنا أيضا لا رجاء في قلبي أصدق من ان يُتم الله هذا الحضور المبارك برفقه ومحبته وحنانه .