حياة بالتوازي
4/18/2025
انه الصيف يعود مجددا حتى في مناماتي بحسب ما حلمت الليلة, هناك علاقة وطيدة بيني وبين النوم بوابة عالمي الاخر الذي أعيشه هناك في مناماتي.
كان الحلم جميلا من ذاك النوع الذي تشعرعبره وكأنما تعيش لحظات حقيقية, جلي متسلسل وفانتزي أيضا بالقدر الذي يجعل الحياة هناك أكثر بهجة, أقصد في عالم الأحلام. كنت في رحلة في أرض افريقية ما, البحر شاسع وممتد الى ما نهاية وقرص الشمس الهائل غارق حد المنتصف بذاك اللانهائي الأزرق الذي يصير ألوانا عديدة بينما يتهادى شعاع الشمس وينعكس على البحر بين الفضي, الأصفروالبرتقالي تشعر عبر ذلك الوهج المتلألئ الوضاء كأنما تعيش في أحد اللوحات الزيتية الخالدة. الشمس حارة والمياه منعشة, الجلود السمراء اللامعة والملامح الافريقية الغنية تعم المكان, أقصد الحلم. وبينما تغرق الشمس في مداها وماء البحر يقطر من شعري وعيوني وأصابعي كان هناك أغنية بحرية بايقاعات افريقية وسلم موسيقي خماسي يجول السمع والمكان رفقة أمواج البحر وصوت ارتطام الماء بالماء, لم أفهم ما تقوله كلماتها الا أنها ظلت عالقة في رأسي حتى صرت ارددها وأسرح في الحانها بينما كنت هناك في الحلم ..في البحر.. وعندما هممت لمغادرة المكان لحظة غياب الشمس خطر في بالي أن أسأل أحدهم عن اسم الاغنية حتى أتمكن من استحضار الذكرى والاغنية لاحقا وأعجب كيف يكون الانسان "ذاته" في عالم الاحلام ربما أكثر منه في الحياة الفعلية. فهذا ما أحرص عادة على فعله في الحياة الواقعية عندما يتعلق الامر بأغنية او موسيقى ما أو طبق طعام مميز.
وكما عناق الماء والنارتلاشى الحلم كضباب عندما امتدت يدا ديار نحو وجهي يربت عليه بلطف في وقت يوازي طلعة خيوط الشمس البرتقالية الاولى, والصوت من الحلم يجيبني "ساسا سوشو", خطر على بالي في أول لحظة فتحت بها عيناي وأفقت بينما يضع ديار وجهه ملاصقا ومقابلا لوجهي أني اشتقت لهذا النوع من الأحلام الذي لولا اني اعود به بلا متاع ولا دليل, ولولا اني أنتهي منها لأجد نفسي في السرير لحسبته جزء من الواقع, ولأني أعلم جيدا كيف تتبخر الأحلام وتختفي ملامحها بعد مرور وقت قصير من الزمن اعتدت كتابة أحلامي التي تلهمني وتهمني على شكل مدونة أو ملاحظات قصيرة على الدفتر الذي اركنه بجانب السرير, بحسب ما أمتلك من طاقة على السرد قبل ان تطير الاحلام نحو برزخها, سارعت الى تدوينه قصيرة كتبت فيها الوقت يشمل تاريخ اليوم والساعة ثم أسلفت: "للتو عدت من تلك الارض الافريقية الخصبة في بحرها الشاسع المنعش وشمسها الجريئة الساطعة التي لا ترمش, والتي لم أرى أكبر من قرصها في حياتي بألوانها المتدرجة من الفضي الدافئ الى الاصفر فالبرتقالي ,. وفي نهاية التدوينة كتبت "اسم الاغنية: "ساسا سوشو"", الان أنا قادرة على استعادة الرحلة والتأمل بها لاحقا عندما أصحو على نحو فعال
وضع ديار رأسه على صدري من الجهة اليسرى حيث القلب يجاور القلب, أغمض عينيه وغفا من جديد وغفوت أنا حتى وقت متأخر من صباح الجمعة والفكرة تعبر رأسي وتدور, ماذا لو كانت حياتنا التي نحياها ما هي الا حلم طويل نملك فيه بعض خيارات وبعض أدوات قليلة تمنحنا ذبذبات محدودة نسعى عبرها لتوجيه ذاك القدر الذي يمضي في دربه وفي شكله البياني دون أن يؤثر به أحد أو شيء. الذبذبات لا تصنع فارقا حقيقيا في مساره وما هي الا مجرد تماوجات في الحياة نعتاش عليها ونظن عبرها اننا نمتلك احداثيات حياتنا. الذبذبات لا تصنع فارقا الا انها تختبر جوهرنا ومعدن الانسان فينا, ماذا لو أفقنا من تحت التراب بدلا من السرير ولا نملك من هذه الحياة لا متاع ولا دليل, من يجرؤ حينها على القول اننا لم نكن في حلم طويل جلي وواضح؟ أين الحياة الفعلية من كل هذا ومتى ستبدأ الرحلة أو هل بدأت في مكان ما أو لحظة ما أو اختبار ما؟
.....
أخيرا, أجريت بحثا عن "ساسا سوشو" على الانترنت ولم أجدها بالطبع لكني عثرت على أسماء مقاربة لأغانٍ افريقية, "ساساسا سايي, واغنية شابة شوشو واخرى شوشولو" لم أعثر على وقت مناسب كي أستممع لها حتى اللحظة الا اني سعدت سلفا بكل تفاصيل الحلم ونتائج البحث على الانترنت, أتعرف الى أشياء جديدة من وحي واقعٍ غير واقع, ربما.!